الملخص

الحمد لله ربّ العالمين، حمداً يليقُ بمقامه وجلال اسمه وعظمة عرشه، والصلاة والسلام على النبيّ العربيّ؛ الصادق الأمين، خير الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، صلاة تتلوها صلاة إلى يوم يُبعثون.

وبعد، فقد هيأ الله لأمّة العرب والمسلمين مَن هم جديرون بالاستخلاف، فعمروا الأرض، وأشادوا حضارة عربيّة إسلاميّة قلّ نظيرها، وأودعوا فينا تراثاً حضارياً عظيماً، هو شاهد على نبوغهم واجتهادهم، وعلى ما حقّقوه من إسهامات عظام في خدمة الحضارة الإنسانيّة.

لا ريب أنّ هذا التراث العظيم جدير بعنايتنا نحن أبناء جلدتهم، كما هو جدير بعناية كلّ سَدَنة الحضارة الإنسانيّة، فانبرى العلماء- وما زالوا- يحفظون هذا التراث من نوائب الدهر، ويدرأونه عن غياهب النسيان والضياع، وحسبنا اليوم أّننا أحوج إلى هذا النّهج من أي زمن مضى؛ وقد تكالبت الحروب والفتن والأعداء على حواضن هذا التراث في دار السلام وأكنافها من بلاد الرافدين، وفي دار الخلافة الأمويّة وجوارها من بلاد الشام، وفي حاضرة معين وسبأ وبلاد اليمن السعيد، وغيرها من بلاد الإسلام ما هو غني عن الذكر هنا.

إنّ هذا التراث عنوان هويتنا بالمقام الأول، وهو شاهد على إنجازات غابت عن علماء اليوم الذين تهيأ لهم من سبل التقدّم ما لم يخطر على بال يشر، وليس ثمّة شكّ إنّ حماية هذا التراث ونشره وإحيائه من أعظم الأعمال وأجدرها بالاهتمام، وهو أمانة في عنق كلّ واحد منّا، أودعها الأجداد في أعناق علماء اليوم من أبناء العرب والمسلمين.

وما هذه الدراسة العابرة إلاّ جهد متواضع في بيان دور مؤسّسة جامعيّة أردنيّة في إحياء هذا التراث، وإخراجه إلى النور من غياهب الظلمات، وإنّ كانت تحملُ من دلالة؛ فإنّما أقرأ فيها تواضع الجهد والمجهود؛ مع ما هو مأمول ومنشود من جامعاتنا ومؤسساتنا البحثيّة في الوطن العربيّ في إحياء هذا التّراث وبعثه، ويكفي أنّ أدلّل على غياب مسؤوليتنا نحو هذا التراث بشاهدين اثنين فقط : أولهما أنّني عملت في جامعة عربيّة متميّزة  كانت تحظر على طلبتها تحقيق المخطوطات ودراستها في برامج الدراسات العليا، وغاب عن علماء هذه الجامعة ومتعالميها أنّ الجامعات التي درسوا فيها  أسهمت في تحقيق تراثنا، ونشر شعر شعرائنا قبل مئة سنة ونيّف من نشوء دولتهم.

أمّا الشاهد الثاني على قلة حيلتنا وانتمائنا لتراثنا أنّني شاركت في مؤتمر دوليّ لحماية اللغة العربيّة، وكانت إحدى الجلسات مخصصة للحديث عن المخطوطات العربيّة في نيجيريا، وهي كما ذكر المتحدثون تزيد على مئات الآلاف من النّسخ، ولم يحضر تلك الجلسة من المشاركين في المؤتمر العالمي أكثر من خمسة مشاركين من أصل (2400) مشاركٍ حضروا المؤتمر.

لقد رأيت أنّ أعرض في هذه الدراسة جهود جامعة مؤتة في إحياء التراث ونشر المخطوطات عبر أربعة محاور هي:

  • دور الجامعة في دعم إحياء التراث ونشر المخطوطات.
  • دور مجلة مؤتة للبحوث والدراسات في نشر المخطوطات ودراستها.
  • دور المجلة الأردنيّة للغة العربيّة في إحياء التراث ونشر المخطوطات.
  • دور العاملين في قسم اللغة العربيّة وآدابها في إحياء التراث ونشر المخطوطات.